الخطة (ب) للدعم السريع صراعات قبلية وانقسامات سياسية
كتب : غمار عوض
بعد أن فرض الجيش السوداني سيطرته على جبل مويا في سنار والتي كانت زروة انتصاراته بعد مدينة بحري وسنجة وبعدها الدندر كان الالتفاف حول الجيش السوداني من الشعب كبيرا جدا وعادت الثقة إلى نفوس جنوده وبينهم والشعب السوداني .
خرج محمد حمدان قائد مليشيا / قوات الدعم السريع معلنا هزيمته في جبل مويا وموبخا جنوده تارة ويحثهم تارة أخرى على القتال لكن الابرز في حديثه كان انه سيتجه للخطة (ب) .
والان بعد أكثر من ٤٠ يوم على اعلانه الخطة (ب) نجد ان الملمح الابرز خلال هذه الفترة كان التقسيم القبلي وإثارة النعرات العنصرية والقتل على الهوية للمواطنين ونهبهم ودون رحمة.
وبتتبع الأحداث نجد انه بعد خطاب محمد حمدان في جبل موية بنحو اسبوع فقط بدأ الجنون ب
١/ تسليم كيكل لنفسه لقيادة الجيش وسط دهشة الجميع يتم استقباله بطلا ليدق اكبر مسمار في جدار الثقة بين الجيش والشعب السوداني ، الذين تفاجوا بهذا الاستقبال لمن كان يحسبونه من سكان ولاية الجزيرة مجرما يستوجب عقابه لما قام به من انتهاكات بحقهم .
وقبل أن يفيق الناس من هول ما قامت به الحكومة من استقبال كيكل هاجمت قوات/ مليشيات الدعم السريع قرى البطانة وشرق الجزيرة (لما قالوا ) انه انتقاما للانضمام او خيانة كيكل لهم ومرة أخرى يتم استباحة قرى الجزيرة باكملها ولا إثارة النعرات والانقسامات وما اسميه الفتنة العرقية الممنهجة يتم الدفع ب(الجاهزية ) من سكان الكنابي والملتحقين بالدعم السريع من غير حواضنه المعروفة ، ويقوم هولاء بعمليات نهب واسعة النطاق وعنف غير مسبوق في البطانة والهلالية وقرى شمال الجزيرة في ازرق والسرحة وشرق الجزيرة في تمبول وفي الهلالية .
نتيجة لهذا العنف اللاحق لتسليم كيكل نفسه للجيش اللاحق لإعلان محمد حمدان الخطة (ب) نزح مئات الآلاف من قرى الجزيرة ناجين بارواحهم من هذا الجنون ولاعنين قيادة الجيش الذي تحول من التفاف الناس حوله بعد جبل موية إلى سب واتهام بالتقصير في حماية قرى الجزيرة وبذلك تم فصل الشعب عن الجيش بنجاح بعد استدراجه بعملية استسلام كيكل وأصبح التايم لاين السوداني في التواصل الاجتماعي مجالا خصبا لسب الجيش ووصفه بالعجز بعد أن كان ممدوحا قبل أسبوعين لنجاحه في عمليات جبل مويا .
والاسوا والأمر أن الاعتداءات في قرى الجزيرة اوجدت مجالا خصبا ايضا لعودة خطاب الكراهية والعنف اللفظي بين المكونات الاثنية السودانية ، الذي يخدم بالضرورة اصحاب الخطة (ب) الأصليين في فصل مشاعر السودانيبن عن القوات المشتركة ونجاحاتها في دارفور ما جعلها معزولة نفسيا واعلاميا في ظل اشتمرار الهجمات على الفاشر بغرض اسقاطها باستثمار حالة القطيعة النفسية التي نشأت في التايم لاين والمزاج السوداني بعد مجازر الجزيرة .
ونجد الأمر تعدى ذلك بأن خرجت اخبار تتحدث عن مطالبة حركات السلام الموقعة في جوبا والمتحالفة مع الجيش انها تطالب ب ٥٠% من السلطة ، وهنا ثارت ثائرة التايم لاين والمزاج السوداني مهاجما هذه الحركات بانها تطلب السلطة وانه لا يهمها سوى المال ، وهو كله يخدم خط تقسيم السودانيين وعزلهم في جزر معزولة نفسيا ليسهل التهامهم لاحقا وفق ما أرى انه الهدف الرئيس للخطة ب وهو اللعب بكرت النعرات العنصرية ورغم خطورته لكن يحقق أهداف الذين وضعوا الخطة ب .
لم يكتفي حلفاء الدعم السريع الاشرار بهذا فقط بل عملوا جاهدين داخل معسكر الجيش في العاصمة الإدارية لتغذية هذه الانقسامات عبر اخبار متتالية تضرب في سمعة حركات دارفور وتفصلها عن بعدها القومي خدمة لأهداف أضعاف الفاشر وكسر وحدة السودانيين ، وصرنا نرى هجوما كاسحا على مني اركو مناوي حاكم دارفور وجبريل ابراهيم وزير المالية وتصويرهم على انهم اما غادروا السلطة او في طريقهم لمغادرتها، والغرض من كل ذلك كما هو واضح تحقيق الهدف الرئيس بتفتيت الجبهة المتحالفة مع الجيش واضعافها، وراينا تبعا لذلك أن ملامح التقسيم الممنهج بدأت تتضح بعد مرور اقل من شهر من اعلان الخطة ب ، حيث بدأ مناوي يخرج الهواء السخن بعد صبره الذي يبدو انه نفد وهو يرى انهم تتم مهاجمتهم من داخل العاصمة الإدارية وعلى مراى ومسمع من يتحالف معهم لاجل وحدة السودان حسب ما قال في ندوة باريس .
هناك ملمح اخر للخطة ب العاملة على تقسيم السودانيين ليسهل التهامهم والتي تتمثل في العودة المفاجئه لرئيس المؤتمر الوطني المحلول ابراهيم محمود إلى بورسودان واستقباله من قبل(شيبة ضرار ) واخرين، نعم هو نفسه الزعيم شيبة يستقبل ابراهيم محمود ويشتم الحركات الموقعة على سلام جوبا ، ويكيل لقيادة الجيش تارة بعد أخرى.
ونجد أن عودة ابراهيم محمود و الدعوة لعقد اجتماع شورى حزبهم أشعلت الخلافات داخل معسكر الاسلاميين الذين كانوا متراصين للقتال مع الجيش وبقاء الدولة ، ولكن مع هذه العودة وسؤال لمن القيادة في الحزب المحلول صار التقسيم والأنقسام في صفوفهم واضحا للعيان لدرجة خروج بيانات لاهبة توضح لاي درجة وصل الصراع بينهم والذي بالضرورة سينعكس على وحدتهم وهم يقاتلون من الجزيرة إلى دارفور حيث الفاشر الصامدة .
ملمح اخر يشير إلى الخطة ب التي أرى أن هدفها تفتيت وتقسيم السودانيين والتي تظهر جليا في الشرق حيث مقر الحكومة المؤقتة ما بين الأمين داؤود ومحمد الأمين ترك وشيبة ضرار وما بينهم المهندس إبراهيم محمود والعائدين من صفوف الدعم السريع من قيادات الشرق ، وصار الاصطفاف ظاهرا للعيان ولا يحتاج كثير عناء لشرح خطورته ليس لأنه في مقر السلطة المؤقتة ولكن لان النسيج الاجتماعي أكثر من مهترئ في الشرق ومزقته الصراعات مسبقا.
من هنا يمكن أن يقول الإنسان لمن وضعوا الخطة (ب) لتقسيم السودانيين وضرب وحدتهم ونسيجهم الاجتماعي ليسهل التهامهم هذا الصيف انكم حققتم نجاحا غير مسبوق وفي اقل من شهر صار الوضع:
انقسام مجتمعي حاد في الجزيرة جراء الانتهاكات وتم فصل مواطني الجزيرة بنجاح عن قيادة الجيش وقيادة الدولة وان بحر من عدم الثقة صار يفصل بين من افترشوا العراء بعد أن خرجوا من ديارهم وفقدوا اموالهم جراء ابتلاع الحكومة طعم كيكل المسموم.
انقسام حاد بين المكونات الإجتماعية التي كانت تدعم الجيش الى فسطاط اهل دارفور من الحواضن الاجتماعية للحركات الموقعة على السلام والحواضن الإجتماعية السودانية الأخرى وعاد خطاب الجهوية والعنصرية يلهب الوضع أكثر مما هو عليه .
انقسام في الكتلة العسكرية ممثلة في قيادة وجنود القوات المشتركة والمجموعات الأخرى، والذي يظهر بوضوح في الهجوم الممنهج على قادة حركتي العدل والمساواة وحركة التحرير الذين صار لزاما عليهم خوض حرب التصريحات الموجهة ضدهم من داخل المعسكر الذي يقفون فيه بدلا من استخدام طاقتهم لمحاربة مليشيا / قوات الدعم السريع.
انقسام حاد داخل التيار الاسلامي العريض جراء ظهور خلافات القيادة للسطح وصار سؤال من هو الرئيس الشرعي للتنظيم المحلول بدلا عن توجيه السلاح نحو من اراد سلب السودان شرعية حكمه الحالية .
عودة مظاهر الانقسام للشرق الحبيب والاصطفافات المقيتة التي أشعلت الشرق في السابق .
توتر في صفوف غاضبون وحلفائهم من الديمقراطيين بعد رؤيتهم أن قيادة البلاد والمعركة سمحت لنفسها بالمناورة عبر التعينات الاخيرة وقررت قيادة المجموعة مد حبال الصبر وتنظيم نفسها وحدة منفصلة تحت قيادة القوات المسلحة فيما تدرس القيادة السياسية لهم في خطوتها القادمة.
يشعر الإنسان بكثير من الحزن لان خطة التقسيم العرقي والسياسي الممنهج هذه تمت بأيدي من ياكلون مع بعض ويضغطون على الزناد بنفس الأصابع التي يصافحون بها بعضهم البعض .
اللهم نسألك الرشد والرشاد والثبات وعودة صوت العقل لان هذا الحريق الاجتماعي والسياسي لو تمدد أكثر من ذلك ، على السودان السلام ، لأنه سيكون غادر محطة حرب التمرد إلى حرب اقل ما توصف به انها ستكون حرب مدمرة نتائجها على الجميع ، فهل من متعظ.
اللهم الا قد بلغت اللهم فاشهد
عمار عوض
كاتب صحافي داعم لبقاء الدولة وتفرغ لمراقبة الانتقال ومن ثم الحرب الاخيرة ومهتم بسلامة المجتمعات السودانية والمعافاة فيما بينها.
١٤ نوفمبر ٢٠٢٤