تسبب الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي يكمل يوم الاثنين عامه الأول دون أي حلول تلوح في الأفق، في تعطيل مؤسسات التعليم، حيث توقفت المدارس والجامعات مع اندلاع الصراع من قلب الخرطوم، قبل أن يتمدد إلى مدن أخرى في غرب ووسط البلاد.
ومع توقف العملية التعليمية وتصاعد موجة النزوح من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد والمدن الأخرى التي امتد إليها الصراع، تحولت معظم المدارس في الولايات الآمنة نسبيا في شمال وشرق السودان إلى مراكز للإيواء يقيم فيها آلاف النازحين الذين فروا من ويلات الحرب بحثا عن ملاذ آمن.
وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 8.5 مليون شخص داخل السودان وخارجه وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن نحو 19 مليون طفل في السودان ليسوا في المدارس منذ بداية الحرب.
وأعلن وزير التربية والتعليم السوداني محمود سر الختم الحوري في سبتمبر الماضي إلغاء امتحانات الشهادات الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الولايات التي تشهد نزاعا، وقرر نقل الطلاب للسنة الدراسية التالية دون امتحانات في مسعى لاستئناف الدراسة، لكن المحاولات باءت بالفشل.
وقال عضو المكتب التنفيذي للجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر إن المدارس أصبحت دورا لإيواء النازحين في ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف في شرق البلاد، والنيل الأبيض في الوسط والنيل الأزرق وسنار في الجنوب الشرقي، أما في مناطق النزاع فبعض المدارس استغلها أحد الطرفين المتحاربين أو جرى استهدافها.
وأبلغ الباقر وكالة أنباء العالم العربي (AWP) بأن الدولة توقفت عن صرف رواتب العاملين في قطاع التعليم منذ بداية الحرب، عدا بعض الولايات لعدة أشهر فقط “وها هي ذي الحرب تكمل عاما كاملا وجعلت حياة أكثر من 350 ألف عامل بالتعليم العام جحيما لا يطاق”.
وأضاف أن العملية التعليمية توقفت في السودان لأكثر من 11 مليون طالب وطالبة، مشيرا إلى وجود محاولات لفتح المدارس في بعض الولايات “لكن هذه الخطوة تفتقد العدالة والشمول، وتنطلق من مبدأ التعايش مع الحرب، وشرعنة نتائجها”.
واستأنفت ولاية البحر الأحمر العملية التعليمية لجميع المراحل الأساسية والثانوية أمس الأحد للمرة الأولى منذ اندلاع الصراع.
وقرع مصطفى محمد نور والي البحر الأحمر الجرس في إحدى مدارس بورتسودان عاصمة الولاية إيذانا ببدء العام الدراسي الجديد، مؤكدا أن قرار إعادة فتح المدارس يأتي في ظل تحديات عديدة.
وأشار والي البحر الأحمر إلى أن الحكومة السودانية اتخذت حزمة من التدابير لضمان استمرار العملية التعليمية قائلا “بحمد الله تم تفريغ حوالي 34 مدرسة وتم نصب أكثر من ألف خيمة تحوي حوالي أربعة آلاف وافد. والحمد لله نقدم لهم الخدمات الضرورية”.
* الصراع يفاقم معاناة التعليم
قال مصدر في وزارة التربية والتعليم السودانية إن الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع فاقم معاناة التعليم في السودان الذي كان يواجه تحديات بالفعل من قبل الصراع.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديثه إلى وكالة أنباء العالم العربي، أن هناك مشكلة تواجه بدء العام الدراسي في الولايات الآمنة تتمثل في عدم سداد الرواتب المتأخرة للمعلمين، بالإضافة إلى مشكلة في طباعة كتب المرحلة المتوسطة، وهي مشكلة تم حلها لاحقا بطباعة الكتب في القاهرة.
وعلى الرغم من محاولات استئناف العملية التعليمية في ولايتي البحر الأحمر ونهر النيل والولاية الشمالية، فإنه لا حديث حتى الآن عن التعليم في مناطق أخرى مثل إقليم دارفور وولايات الجزيرة وسنار والقضارف والنيل الأبيض والنيل الأزرق، بحسب المصدر.
وتابع قائلا “الدولة مهتمة بحشد كل الموارد لتمويل الحرب والعمليات العسكرية وتناست الخدمات الأخرى”.
وأردف “امتحانات الشهادة السودانية حتى الآن لا موعد لبدايتها على الرغم من صدور قرار رسمي من وزير التربية والتعليم بتسجيل الطلاب العالقين في الولايات الآمنة وخارج السودان لحصرهم ومعرفة أماكن حضورهم بحيث تتمكن الوزارة من إرسال الامتحانات متى تيسرت”.
ويرى أن هذه العملية معقدة وستصطدم بمشكلات مالية وفنية، مضيفا أنه لا يتسنى للدولة الآن توفير موارد خاصة بها.
وقال “الموضوع معقد تماما، ولا أتوقع أن تحدث فيه انفراجة ما لم تتوقف الحرب، واستئناف العملية التعليمية في بعض الولايات سيفاقم من مسألة الشعور بالانتقائية، حيث تتعرض بعض الولايات للتهميش ولا تحظى باهتمام الدولة، ويولد كل هذا الشعور بالغبن تجاه الدولة”. وأكد ضرورة التفكير في إيقاف الحرب أولا، ثم الشروع في ترتيبات استئناف التعليم.