كشف تحقيق لبي بي سي نيوز عربي، تعرض الكثير من السودانيين، الفارين من الحرب والمتوجهين إلى مصر، إلى أصناف مختلفة من الانتهاكات من قبل عصابات تهريب البشر التي بدأت تنشط في الآونة الأخيرة على الحدود المشتركة بين البلدين.
واستمعنا إلى عدة شهادات من الفارين الذين تعرضوا أو تعرض بعض أقربائهم لخطر الموت والاختطاف والسرقة والابتزاز وحوادث السير المروعة.
وقالوا إنهم اضطروا إلى الدخول للأراضي المصرية بطريقة غير قانونية بعد تشديد السلطات المصرية إجراءات الدخول وذلك بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب في السودان في أبريل/ نيسان الماضي .
لم يكن من السهل إقناع الواصلين بطريقة غير قانونية إلى مصر بالحديث إلينا، إذ استغرق الأمر أياما وأسابيع لإقناع بعضهم بالحديث.
بعضهم وافق على اللقاء المباشر أو الظهور أمام الكاميرا وبعضهم الآخر اكتفى بسرد قصته عبر الهاتف، وقد عمدنا تغيير أسماء الشهود الحقيقية واستخدمنا أسماء مستعارة.
“تُركنا أنا وأمي الميتة في الصحراء”
كل من تحدثنا إليهم يقولون إن الهروب من أهوال الحرب وتشديد السلطات المصرية لإجراءات الدخول هي التي جعلتهم يتخذون قرارا لم يتمنوه، وهو الدخول إلى مصر بطريقة غير شرعية، والتعرض لتجربة السفر في الصحراء ووسط الجبال مع “مهربين قساة”، كما تقول أم سلمى ربة الأسرة.
وصلت أم سلمى مع أسرتها إلى منطقة أبو حمد بالولاية الشمالية، قادمة من مدينة أمدرمان التي تشهد قتالا ضاريا بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ولم تكن منطقة أبو حمد وجهتهم الأخيرة، وإنما كانوا يريدون الوصول إلى القاهرة.
اختاروا المنطقة بعد أن علموا أن رحلات التهريب تبدأ من هناك كما قالت لي، وهي تتحدث عبر الهاتف.
بعد مكوثهم لعدة أيام في المدينة تمكنوا من الاتفاق مع أحد المهربين لإيصالهم إلى داخل الحدود المصرية في منطقة أسوان.
وأضافت: “قبل تحركنا على متن السيارة حُشرنا فيها مع توثيقنا بالحبال حتى لا نقع.. تحركت السيارة من المنطقة وتوغلت في الصحراء الموحشة. سرنا طوال الليل وتوقفنا بعد مرور أكثر من ثماني ساعات في منطقة جبلية مقفرة.. طلبوا منا النزول لأننا سنقضي ساعات في هذا المكان ريثما يأتي الصباح”.
ومضت تسرد قصتها، وهي في حالة من الحزن ويأتيني صوتها متقطعا: “في الصباح الباكر تحركنا وكانت السيارة تعبر الطريق بسرعة جنونية وليس بالإمكان التحدث مع السائق لتهدئة السرعة.. وفجأة انحرفت السيارة، ووجدنا أنفسنا على الأرض، وارتطمت أمي المسنة بجسم السيارة ووقعت.. كنت أعتقد أنها فقدت الوعي وحاولت أن أيقظها دون جدوى، أصابتني الصدمة وبت أصرخ بعد أن اكتشفت أنها قد فارقت الحياة”.