تأتى زيارة الرئيس الإريترى “أسياس أفويرقي” إلى مصر ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى نقطة جوهرية فى خضم التعاطى المصرى مع دول القرن الإفريقي (جيبوتى، وإريتريا، والصومال، وإثيوبيا)، وتأتى تلك الزيارة كذلك فى أعقاب زيارة الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود فى 21 يناير الماضى على رأس وفد رفيع المستوى بدعوة من الرئيس لبحث التوترات فى القرن، ولاسيما الانتهاكات الأثيوبية للأراضى الصومالية.
ولعل تلك الزيارات المتلاحقة لتلك الدول تأتى فى إطار الاستراتيجية الجديدة التى انتهجتها القاهرة منذ انخراطها الإيجابى فى القارة السمراء، وتعهدها وقيادتها لمبادرة اسكات البنادق منذ 2020، والتى تتضمن آليات لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء وتستهدف إلى التوصل إلى اتفاقات نهائية مع أطراف النزاعات بربوع القارة بوقف إطلاق النار، فضلا عن مبادرات للحوار بين كافة الأطراف.
كذلك تثبت لقاءات الزعماء الأفارقة بالقيادة المصرية، ثقتهم فى قوة القاهرة، ودور مصر المحورى فى القارة الأفريقية من أجل خفض التوترات وعدم اثارة الأزمات، ومساندة للأشقاء وهدفها توحيد القرارات بين القاهرة ودول القرن الأفريقى لإيقاف أية تهديدات أو عدائيات تواجهها.
وفى إطار جهود القيادة السياسية لتحقيق الأمن والسلامة بقارة إفريقيا، تواصل القاهرة التنسيق مع دول القرن الأفريقى لخفض التوتر الناجم عن الاطماع الاثيوبية فى أراضى الصومال (اقليم ارض الصومال اوصومالاند) يعد إقليما منشقا أعلن انفصاله عن مقديشو فى 1991 فى خطوة أحادية الجانب وإجراء لم تعترف به الأسرة الدولية، وعليه رفضت دول العالم الاتفاق المزعوم.
وكانت رفضت القاهرة والأسرة الدولية فى القلب منها دول القارة الأفريقية، بشكل صارم الانتهاكات الأثيوبية لأراضيها، بعد توقيع اتفاق مفاجئ مع زعيم أرض الصومال موسى بيهى عبدى يمنح إثيوبيا، لمدة 50 عاما منفذا على البحر الأحمر بطول 20 كيلومترا يضم خصوصا ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسميا بأرض الصومال جمهورية مستقلة.
وفى هذا الإطار تباحث الرئيسان السيسى الإريترى بشأن التطورات التى يشهدها القرن الأفريقى، حيث تم التوافق على ضرورة احترام سيادة دولة الصومال، ودعمها فى رفض كافة الاجراءات التى من شأنها الانتقاص من هذه السيادة، كما تم التطرق إلى الأوضاع فى السودان وتم تأكيد أهمية استمرار العمل المشترك بين مصر وإريتريا، فى إطار مسار دول الجوار، من أجل التوصل إلى حلول جادة للأزمة تفضى إلى وقف إطلاق النار، بما يضع حداً للمعاناة الإنسانية التى يمر بها الشعب السودانى الشقيق، ويلبى تطلعاته وآماله فى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.
لمباحثات تناولت أيضاً الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها التطورات بالبحر الأحمر، حيث ناقش الرئيسان ما تشهده هذه المنطقة من تطورات أمنية خطيرة، وأكدا أهمية عدم التصعيد واحتواء الموقف، كما تم التشديد على ضرورة التوصل لوقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة بشكل يمهد للنفاذ الإنسانى الكامل والمستدام للقطاع، وإطلاق مسار حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة.
وصرح المستشار د. أحمد فهمى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن المباحثات بين الرئيسين تضمنت تأكيد اهتمام الجانبين بمواصلة تطوير العلاقات الثنائية بما يحقق نقلة فى مستوى وعمق التعاون بين الجانبين فى مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية، حيث ركزت المباحثات على تنشيط التبادل التجارى بين البلدين وتعزيز التدفق الاستثمارى عبر دعم تواجد الشركات المصرية فى السوق الإريترى فى القطاعات ذات الاهتمام والأولوية للجانبين، والتى تتمتع فيها الشركات المصرية بميزات نسبية وخبرات متراكمة.