فى 30 يونيو 2022 وقعت مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور فى دفتر الحضور كغيرها من حضر وبوادي البلاد خرج المحتجون السلميون للتظاهر السلمى فاخترقوا الانتشار الامنى الكثيف صوب ميدان الفيتوري بالجنينة، الحالة الثورية السودانية والتاريخ الذى يكتب فى صفحات النضال المستمر من أجل التغيير شكل حافزاً لتقصي ظهور إسم الفيتوري مقترناً بميدان إرتبط بالفعل الثوري، أشارت المصادر إلى أن الأمر يعود إلى العام 2017 حيث أطلقت وزارة الثقافة والإعلام الولائية الإسم تخليداً للراحل الشاعر الثوري “محمد مصباح رجب الفيتوري”، الذى يشير سجل نشأته إلى الميلاد بالجنينة فى 24 نوفمبر 1936، انحدرت أصوله من أم سودانية وأب ليبي هو ” مصباح رجب الفيتوري، أما تعليمه فقد درس بمصر وتخرج من كلية العلوم بالأزهرالشريف،عاش الفيتوري حراً منتمياً الى القارة الإفريقية متنقلا بين السودان،مصر ليبيا، لبنان والمغرب بوثائق سفر مختلفة، ثورية وشجاعة الفيتوري دفعت الرئيس الأسبق جعفر نميري لسحب الجواز السوداني عنه فى العام 1974 ترجح المصادر أن سبب ذلك هو القاءه قصيدة” قلبي على وطني ” التى خلد بها ذكرى شهداء الحزب الشيوعى السوداني الشهيد عبدالخالق محجوب ورفاقه الذين أعدمهم النميري فى 1971،كرد فعل لذلك كانت قد سارعت ليبيا منحه جواز سفر ليبي ،و عينته ملحقاً ثقافياً لها بعدد من سفاراتها، عقب سقوط القذافي سحبت السلطات الليبية جوازه الليبي ،ليسافر للإقامة بالمغرب مع زوجته المغربية حتي وفاته فى 2015 عن عمر يناهز 85 عاماً، كانت السلطات السودانية قد أعلنت فى 2014 عن قرار بإعادة جوازه الدبلوماسي لكن ليس هنالك ما يسند ذلك حتى فارق الفيتوري الحياة، لقب الفيتوري بشاعر افريقيا والعروبة لعطائه الجزيل، كما حملت سيرة حياته رسالة مهمة تعلقت بالمواطنة كأنها رسالة مسبقه موجهه للاتحاد الإفريقي بأهمية الجواز الإفريقي فهو ما سيحول من عسف الدكتاتوريات و يقي الأجيال الافريقية ركوب البحار ” أو السنبك”
كان قد أصدر الفيتوري مجموعته الشعرية الأولى “أغاني إفريقيا” في العام 1959 ثم عدد من المجموعات الشعرية والمسرحيات والكثير من الأعمال الأدبية، وعمل صحفيا في العديد من الدول العربية، و مستشارا بجامعة الدول العربية، له العديد من الدراسات المرتبطة بتعليم الكبار والتعليم في الدول النامية، حاز الفيتوري على وسامي “الفاتح” بليبيا، والذهبي للعلوم والفنون والآداب” بالسودان.
رحل الفيتوري تاركاً سيرة شاعر ومثقف ثوري قدر أن ترفع راياتها للمشاركة فى ثورة ديسمبر اقترن ميدان الفيتوري برمزية المكان في سجل الثورة السودانية، فهو طائر حر المزاج والطيران دون قيود الجنسية وجواز السفر، كتب عنه الأستاذ المعلم والشاعر عالم عباس في 2013 ورقة بحثية عنه بعنوان ” الفيتوري وتراجيديا الانتماء” قدمها في يوم الشعر الذي خصصه اتحاد الكتاب السودانيين للاحتفاء بالفيتوري، الورقة بمثابة مرجع للأجيال التى تود معرفة سيرة الفيتوري بعد عالم يصعب سبر الأغوار لأن الورقة لقاء بين شاعر وشاعر، نمضي نحو التغيير وتتراجع الأحوال لكن لا مناص من بلوغ الهدف، ذات التراجع أصاب ميدان الفيتوري بالجنينة تمتد إليه يد الإهمال ليتحول إلى محطة للمواصلات العامة يحاصرها الازدحام والأوساخ ،ومركز لعمالة الأطفال من الذين اجبرهم إهمال الحكومات المختلفة على دفع العربات اليدوية التي تستخدم في تحميل وايصال الأغراض، انها حالة تحتاج إلى جهد الثورة فى التصحيح لأنها مرتبطة بمسارات ظل الفيتوري ينافح جهده ليهزم انكسارها