الموقف الدولي من طريق الحرير
الاهتمام الدولي الواسع شرقا وغربا بمبادرة الحزام وطريق الحرير الذي يدع إلى تحولات كونية نحو عالم متعدد الأقطاب ، ، والتوجّه أيضاً نحو نظام دولي متعدد الثقافات. و تأسيس قاعدة أكثر انفتاحا وكفاءة للتعاون الدولي، وشبكة أكثر قوة من الشراكات مع الدول المختلفة، والدفع باتجاه انشاء نظام دولي أكثر عدلا وعقلانية واتزاناً. و توفير فرص للتوقيع على اتفاقيات تعاون مع دول ومنظمات دولية في مجالات التعاون المالي والعلوم والتكنولوجيا والبيئة وتبادل الخبرات. الروابط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا ودعمها باستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية. كل ذلك ، يذهب في سبيل التأكيد على أن البعد الدولي للمبادرة يظل الأكثر أهمية والأشد تعقيدًا، وقد أشار الدبلوماسيون الصينيون إلى مجموعة من الآليات والأسس بنيت أو أعيد تفعيلها في السنوات الأخيرة، والتي يمكنها أن تساعد في تفعيل هذا البعد. ويشمل ذلك: منظمة شنغهاي للتعاون، ممر بنغلاديش- الصين-الهند- ميانمار، ممر الصين- باكستان الاقتصادي، شبكة يوكسينا للسكك الحديدية التي مدّتها الصين من تشونغ تشينغ إلى ألمانيا، ومنها إلى موانئ شمال أوروبا، وممرات الطاقة الجديدة والقديمة بين الصين وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى ممر ميانمار الاقتصادي.
ومن المعروف أن الصين أنشأت بنك التنمية الجديد مع البلدان الأعضاء الأخرى في مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا)، والبنك الآسيوي للاستثمار، وهما المؤسستان اللتان ستستفيدان من الفائض المالي الكبير لدى الصين، والذي يمكن استثماره لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ برامج مشروع طريق الحرير. كما يهدف إلى توسيع أنظمة المعايير الفنية وخطط البنية التحتية للبلدان التي تقع في طريق «الحزام والطريق»، وتعزيز النقل المتكامل، وممرات النقل البرية والبحرية والجوية على صعيد القارات، إلى جانب اتخاذ تدابير من أجل تذليل العقبات أمام التجارة والاستثمار بين البلدان الواقعة على طريق الحزام، وتعزيز التعاون الجمركي .
لقيت المبادرة ردوداً ومشاركات إيجابية من أكثر من 140 دولة ومنطقة، وفي عام 2017، بلغ إجمالي حجم التجارة بين الصين والدول ذات الصلة بـ«الحزام والطريق» حوالي 1،1 تريليون دولار أمريكي، بارتفاع بلغت نسبته 14،8٪، متجاوزاً نسبة الزيادة في إجمالي التجارة الخارجية بـ 3،4 نقطة مئوية. وفي الوقت نفسه، لا يزال
في هذا السياق، تمر فرنسا وأوروبا عموماً، في مرحلة انتقالية من تاريخ علاقاتها الدولية. وتشئ مبادرة فرنسا في الدعم والمشاركة في بناء «الحزام والطريق»؟
في الواقع، احتل موضوع التحام استراتيجي بين أوروبا وآسيا في إطار «الحزام والطريق» صدارة المواضيع التي نوقشت خلال منتدى بواو الآسيوي، الذي عقد في باريس في أيلول من العام الماضي. وقال ماكرون خلال اجتماعه مع المندوبين الصينيين، الذين حضروا الاجتماع: «تعد مبادرة الحزام والطريق أهم مبادرة تقترحها الصين، ذات أهمية سياسية وتجارية وثقافية، وأن فرنسا على استعداد للعمل مع الصين على أساس القواعد المشتركة، والمعايير ذات الصلة، والمشاركة في بناء الحزام والطريق بنشاط، من أجل تعزيز ازدهار واستقرار آسيا واوروبا وإفريقيا.()
الواقع أن الموقف الدولي من مبادرة الحزام وطريق الحرير يتحدد سلبا أو إيجاباً منها ، حسب قربها أو بعدها من حيث المردود العائد من تنزلات المبادرة نفسها على أرض الواقع ، فموقف الولايات المتحدة ينطلق من أنها لاترغب فى ظهور قوة «عظمي» فى آسيا تهدد نفوذها ومصالحها وسيطرتها فى القارة، ثم اليابان التى ترى فى تنامى القوة الاقتصادية والعسكرية للصين مصدر تهديد قوى، كما يصفه التقرير السنوى لوزارة الدفاع اليابانبة، كذلك روسيا والهند وإذا تتبعت تحليلات الصحف الامريكية أو الروسية واليابانية والهندية وتعليقاتها على مبادرة الحزام والطريق، سوف تكتشف مواقف كل تلك الدول من المبادرة فهى إما أنها ترى فيها شريك إقتصادي وإعلامي، وبالتالى سياسى للعديد من دول العالم فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وخاصة تلك «القوى الاقليمية» التى ترفض النفوذ والسيطرة الامريكية عليها مثل البرازيل و مصر والارجنتين وتركيا وايران، أو أنها مصدر تهديد لنفوذها وطموحاتها كما هو الحال في اميريكا الشمالية وكنا قد تعرضنا في المحاور السابقة لمواقف دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية من طريق الحرير بشكل أكثر دقة وتفصيلاً.
موقف الولايات المتحدة الأميريكية من طريق الحرير
لم تخف الولايات المتحدة انزعاجها من مبادرات إعادة إحياء طريق الحرير وتعمل بكل السبل وعلى محاور شتى لتقويض المبادرة ومواجهتها على أرض الواقع بصورة عملية للدفاع عن مصالحها ومواطئ أقدامها عبر العالم والتي تتمدد فيها المبادرة كل يوم بصورة متسارعة وإمكانيات إقتصادية كبيرة وجريئة.
فواحدة من محاولاتها المستميتة تتم عبر إيران، حيث تعرض مشروعها الخاص الذي يتضمن العبور حول إيران من خلال ثلاثة طرق()
الأول يمر عبر الخليج ثم العراق وتركيا باتجاه أوروبا.
الثاني يمر عبر الشواطئ الإفريقية على ضفاف البحر الأحمر ثم مصر قبل أن يصل إلى البحر الأبيض المتوسط.
الثالث يمر عبر شواطيء بلدان الخليج العربية ومن هناك إلى العراق وتركيا ثم أوروبا.
أما بالنسبة إلى أنابيب الغاز والنفط في دول آسيا الوسطى، فإن المشروع الأميركي يقترح مدّها عبر قعر بحر قزوين وآذربيجان. كما يقترح وصل دول آسيا الوسطى بالبحار عبر أفغانستان والهند وباكستان بدلا من إيران. وكانت هيلاري كلينتون قد عرضت في العام 2011 الخطوط العام للمشروع الأميركي لطريق الحرير الجديد .()
تشعر أميريكا بقلق متزايد من إمكانية تعرضها للعزلة، ولاسيّما مع تبني ترامب سياسات غير منطقية أغضبت الشركاء التجاريين لأمريكا، خاصة الدول الكبرى في أوروبا وعلى رأسها ألمانيا، بالإضافة إلى كندا والمكسيك. وربما يكون العالم على وشك الدخول في “حرب باردة جديدة”، هذه المرة ستدور رحاها بين واشنطن وبكين، وليس بين واشنطن وموسكو، كما كان الحال طوال العقود الأربعة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وانتهت بسقوط وتفكك الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينات القرن الماضي
وامتداداً لمحاولاتها الرامية لمواجهة طريق الحرير الصيني، الذي وصل إلى دول كثيرة في آسيا وأوروبا وإفريقيا، اتخذت أمريكا إجراءات متعددة لإنشاء تكتل عالمي جديد للسيطرة على الطرق والمنافذ الدولية، في حين يبدو أن معالم الصراع على الهيمنة الاقتصادية والتجارية الدولية بدأت تتعاظم وتتسع رقعتها في الوقت الحاضر. ولم تعد المواجهة بين واشنطن وبكين تقتصر على الضغوط والقيود المتبادلة على سلع كل منهما، ولاسيّما بعد تولي “دونالد ترامب” رئاسة أمريكا، مطلع عام 2017، وإنما خرجت إلى نطاقات دولية، وسط مساع أمريكية إلى هدم جسور الصين التجارية وليس منافستها. وتناقش أمريكا وأستراليا والهند واليايان مشروع بنية تحتية دولية مشتركاً كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية (طريق الحرير) سعياً لمواجهة اتساع نطاق نفوذ بكين.() وباتت مبادرة حزام طريق الحرير، التي أطلقتها الصين عام 2013، تحظى بانضمام عشرات الدول، حتى غدت دول أوروبية كبرى تسعى وراء الاستفادة منها، بينما كانت من أكثر حلفاء أمريكا اقتصادياً في السنوات الماضية.
الموقف الفرنسي
تتميز الدبلوماسية الفرنسية بالاستقلالية على مدى التاريخ. وتفضل فرنسا أن تكون التجربة الأولى في العالم، بتطوير علاقاتها مع الصين. كما تلعب العلاقات الصينية ـ الفرنسية دوراً مثالياً وقيادياً للعلاقات الصينيةـ الأوروبية. حيث أقامت فرنسا علاقاتها الدبلوماسية مع الصين في عام 1964، وتعد أول دولة كبيرة في العالم الغربي، تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، ليأتي بعد ذلك تأثير الدومينو.
وتتطلع فرنسا إلى قيادة الدول الغربية لتعزيز التعاون مع الصين، في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، والحفاظ على مكانة فرنسا وتعزيزها في أوروبا والعالم. وقال ماكرون خلال زيارته إلى الصين: «التنسيق بين أوروبا والصين في مبادرة الحزام والطريق أمر بالغ الأهمية، وفرنسا ستضطلع بدور نشط» ويمكن القول: إن فرنسا تتوفر فيها الشروط اللازمة لتقود الغرب، في تعزيز التعاون مع الصين، في إطار مبادرة «الحزام والطريق. ويتوقع أن الاستثمارات الصينية ستشهد زيادة في فرنسا، كما سينشأ المزيد من فرص العمل، وخفض العجز التجاري في الجانب الفرنسي. وبعد عام 2018، سينمو الطلب المحلي للاقتصاد الصيني تدريجياً، وسيتم تخفيف شروط الوصول إلى السوق الصينية، وخاصة سوق المشتريات العامة، وسيساعد معرض شنغهاي الدولي للاستيراد، الذي سيعقد في تشرين الثاني هذا العام، على زيادة الصادرات الفرنسية إلى الصين. وفرنسا تضع المزيد من التركيز على التعاون الثلاثي. حيث فتح التعاون الصيني الفرنسي سوق الطاقة النووية البريطانية، وهو مثال للتعاون الثلاثي في إطار مبادرة الحزام والطريق. وبعد أن صوتت بريطانيا على الانسحاب من الاتحاد الاوروبي، وتحديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أولويات إدارته لجعل «أمريكا أولاً» في العالم، تم وقف اتفاقية «الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي»، وتجري الدول الأوروبية تقييم لعلاقاتها التجارية، التي دعمت اقتصادها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
موقف بلدان أميريكا اللاتينية
تعتبر دول أميريكا اللاتينية من أكثر الدول حماساً لتحقيق مبادرة الحزام الإقتصادي على طريق الحرير، حيث تمّ الاتفاق في مدينة فورتاليزا في البرازيل قبل عامين على عدد كبير من المشاريع الإنمائية الضخمة بين مختلف الدول في إطار «طريق الحرير»، ونعرض لها هناك لأنها تعكس إهتمام هذه الدول بالمشاركة والدعم الإيجابي :
أولاً: تمّ الاتفاق على آليات ائتمانيّة جديدة والتزامات مبدئية، كأساس لرفع الكوكب بأسره إلى مسار جديد من التنمية. وقد تمّ إطلاق ثلاثة مصارف: البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية الجديد، وبنك شانغهاي للتعاون. ولم تعطَ هذه المصارف اعتمادات للمضاربة، بل فقط لتمويل المشاريع. وهذه المصارف الثلاثة، رغم عدم اكتمال نموها بشكل كلي بعد، سوف تصبح زورق النجاة عند انهيار تايتانيك النظام العابر للأطلسي.()
ومن بين المشاريع العديدة الأخرى، فإنّ هنالك فكرة لإنشاء قناة ثانية موازية لقناة بنما في نيكاراغوا بمساعدة الصين، بحيث تربط المحيط الهادئ بالكاريبي لتصبح مركز نشاط لكامل حوض الكاريبي وأمريكا الوسطى. وقد تمّ تصميم هذا المشروع من قبل أكبر شركة صينيّة لإدارة المياه والسكك الحديدية والمطارات والموانئ، والتي نفذت ميناءين ومطاراً وبحيرة صناعية ومصنعاً للإسمنت والصلب.
وهنالك أيضاً، السكّة الحديدية العابرة للقارات بين البرازيل والبيرو: وهو مشروع هائل لم تشهد القارة مثيلاً له، حيث سيتم بناء خط سكّة حديدية من البرازيل على ساحل الأطلسي إلى ساحل المحيط الهادئ في بيرو. وقد عبرت الرئيسة البرازيليّة السابقة، ديلما روسيف، في لقاء بينها وبين بينغ عن مدى أهمية هذا المشروع كأداة دمج لأمريكا الجنوبية وكمنفذ للصادرات البرازيليّة إلى آسيا. وقد طلبت بوليفيا فيما بعد من الصين المساعدة في بناء الجزء البوليفي، وتمّ في عام 2015 تعديل المشروع ليمر خطّ السكة الحديديّة في بوليفيا ويصبح اسم المشروع «سكّة حديد المحيطين المركزية». كما أن هنالك سلسلة كاملة من 29 مشروعاً مشتركاً بين الصين وكوبا. وتعمل الصين مع بوليفيا للتعاون في مجال الأقمار الصناعية. وتجمع الصين بالبرازيل شراكة استراتيجيّة حقيقية، فهما يعمقان تعاونهما في الفضاء، ويعملان بشكل مشترك في مجال الأقمار الصناعية مع أفريقيا، كما أنّ البرازيل تبيع الطائرات للصين، وبينهما تبادل علمي ضخم. وتجمع الصين بالأرجنتين مشاريع بنية تحتية وتعاوناً نووياً في إطار 19 اتفاقاً. وهنالك اتفاقات تعاون بين الصين وفنزويلا والصين والمكسيك. ()
الموقف الايراني
ولكن الترحيب الأكبر كان في إيران؛ حيث إن الحكومة الإيرانية الجديدة استعادت حلم البلاد القديم بتأسيس طريق الحرير وأن تكون إيران قلبه(). فالمشروع الصيني يهدف إلى استثمار مئات المليارات من الدولارات، ومد طرق مواصلات حديدية ومائية، إضافة إلى مد أنابيب الغاز والنفط والطاقة وخطوط الألياف البصرية، ومعظمها يمر عبر إيران ويصل بحر الصين في الشرق بأوروبا وإفريقيا في الغرب .
استطاع الإيرانيون إقناع الصينيين بتوقيع اتفاقية تعاون تجاري مشترك لتحويل إيران إلى مركز “ترانزيت” للبضائع الصينية ريثما يتم تفعيل طريق الحرير. وخلال زيارة الرئيس الصيني لطهران، تم التوقيع على 17 اتفاقية تعاون اقتصادي تزيد قيمتها على الـ40 مليار دولار.
يتضمن المشروع ممرين اثنين: “طريق بحري” و”طريق بري”. يبدأ الطريق البحري من ميناء منطقة شينجيانغ في شمال الصين ويمتد إلى أوروبا وإفريقيا عبر البحر الأحمر وضفافه من جهة. وخط آخر يتصل بموانئ إيران الجنوبية، ومن ثم يتم شحن البضائع بالقطار أو بالشاحنات باتجاه أوروبا أو البحر الأبيض المتوسط.
أما الطريق البري فيبدأ من منطقة “شيآن” في جنوب الصين ثم يدخل كازاخستان عبر مدينة “أرومشي”، ويمتد عبر آسيا الوسطى ليدخل إيران من منطقة “سرخس” قبل أن يتفرع في غرب إيران إلى ثلاثة فروع:
الأول: يدخل تركيا ثم أوروبا عبر اسطنبول كي يتفرع إلى قسمين في ألمانيا: الأول يتجه إلى مرفأ نوتردام في هولندا والثاني إلى مرفأ البندقية في إيطاليا.
الثاني: يدخل آذربيجان عبر منطقة آستارا الإيرانية ثم يتجه نحو موسكو، وبعد ذلك الى فنلندا في شمال أوروبا.
الثالث: يتجه إلى العراق ثم سوريا حيث يتفرع ليصل إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مرفأي اللاذقية وبيروت.
تجدر الإشارة إلى أن الطريق البري سيتم تشغيله عبر القطارات السريعة وشبكة طرق لاستخدام الشاحنات، علما وأن هناك خطة لطريق آخر يعبر أفغانستان من الصين ويدخل إيران ويتصل بباقي الطرق في إيران.
الحلم الإيراني على طريق الحرير
يمكن تلخيص المشروع الإيراني لطريق الحرير الذي تم تداوله خلال نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي بشبكة خطوط المواصلات التالية()
خط سكة حديد وطريق مواصلات يبدأ من الصين ويمر عبر دول آسيا الوسطى ويتفرع في إيران إلى طريقين: أحدهما يعبر تركيا ويدخل أوروبا عبر اسطنبول، والآخر يعبر العراق وسوريا ولبنان ليصل إلى البحر الأبيض المتوسط.
خط سكة حديد يبدأ من “ميناء جابهار”، وخط آخر من ميناء “بندر عباس” في جنوب إيران. ويتصل الخطان بالخطوط الأخرى التي تنتهي في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط.
توسعة خطوط المواصلات بين الموانئ الجنوبية في إيران باتجاه تركيا.
استحداث خطين لسكة حديد وخط مواصلات من ميناء “أروند رود” في منطقة خوزستان وميناء بوشهر، أحدهما يعبر العراق وسوريا ولبنان ليصل إلى البحر الأبيض المتوسط، والثاني يتصل بالخطوط السابقة للعبور عبر تركيا ليدخل أوروبا.
استحداث خطوط أنابيب غاز ونفط لبلدان آسيا الوسطى، تعبر إيران وتركيا كي تصل إلى أوروبا.
. بعد ذلك، اهتمت إيران بتطوير علاقاتها مع الصين والهند وروسيا، سعيا منها لتصبح نقطة عبور لبضائع تلك البلدان تجاه أوروبا وإفريقيا والعكس بالعكس. وعلى هذا الأساس شرعت طهران في تطوير بعض المشاريع التي لم تكن مطروحة من قبل، أبرزها مشروع قناة وصل بحر قزوين بالمياه الدافئة جنوبي إيران
إلى جانب ذلك، انطلق مشروع وصل سكك حديد إيران بأذربيجان وروسيا عبر منطقة “آستارا” كي تستطيع إيران تكميل مشروعها القاضي بأن تصبح قلب طريق الحرير().
إذن: المبادرة الصينية تؤمن كل ما هو مطلوب في الحلم الإيراني كي تصبح إيران قلب هذا الطريق. ولذلك فمن الطبيعي أن تلاقي إيران المبادرة الصينية بترحيب بالغ.
الموقف الهندي
تعتبر الهند أن (الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان) الذي يفترض أن يمر عبر إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان يتجاهل قلقها الأساسي، بشأن السيادة والسلامة الإقليمية”.إويبقى : أن مؤشرات طريق الحرير على الأرض و في الحقيقة لم تأت ملائمة مع تطلعات الهند، . وطبقاً لتقرير «كريدي سويس» الذي صدر هذا الشهر، فإنه على الرغم من أن الهند تعد ربما أكبر معارضة للمشروع الصيني التجاري إلا أنها في الوقت ذاته أحد أكبر شركاء الصين التجاريين. ويبلغ حجم التبادل الاستثمار الصيني نحو الهند نحو 84 مليار دولار إلى 126 مليار دولار بين 2017 و 2021، و بين الصين والهند، هنالك عشر صفقات اقتصادية كبرى، وتعاون في مجال العلوم النووية وخاصة: في المفاعل النووي العامل على الثوريوم، ومشروع مفاعل وقود الطبقة الحصوية الصلب الصيني الرائد. إنّ هذه المشاريع مهمّة للغاية لأنّها تعرض لنا الطريق إلى المستقبل. وهو الأمر الذي يضع الصين في مرتبة متقدمة للغاية سابقة لروسيا واندونيسيا وباكستان، وهي جميعا من الدول الموقعة على المبادرة الصينية، إلا أن الصين لم تتعهد للهند بأي منافع أو مشاريع اقتصادية على هامش محورها التجاري الجديد باستثناء بعض مكاسب جانبية على غرار ممر «بنجلاديش-الصين- الهند–ميانمار» التجاري الذي خطط له منذ أعوام كثيرة.()
كما أن إحدى الأزمات الكبرى ، التي تفكر فيها الهند حاليا ، هي ما قد ينتج عن محاصرة الهند من خلال تطويقها بالمصالح الاقتصادية الصينية كإنشاء الموانئ والسكك الحديدية، ومحطات توليد الطاقة في التيبيت ونبيال وسيرلانكا وبنجلاديش. على الرغم ً أن الصين تعتمد مبدأ المسؤولية والشراكة من أجل التعايش.
الموقف اليابانى كبير
لا تخفى طوكيو مخاوفها من صعود الصين الاقتصادى والعسكرى خاصة بعد أن تمكنت الصين منذ أكثر من عامين من إزاحة اليابان من المركز الثانى لأكبر قوة إقتصادية بعد الولايات المتحدة، واحتلت بكين موقع طوكيو التى تراجعت إلى المركز الثالث، وتبدى اليابان بصفة مستمرة قلقها من تزايد القوة العسكرية للصين، وإرتفاع الإنفاق الصينى على التسلح.() ولا يخفى على أحد الماضى البغيض الذى مازال يعكر العلاقات بين البلدين، فقد إحتلت اليابان أجزاء من الصين قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، وخاضت قوات البلدين حروبا طاحنة حتى انهزمت اليابان فى عام 1945 واعلنت الاستسلام بعد إلقاء القوات الأمريكية أول قنبلة ذرية فى التاريخ على مدينتى هيروشيما ونجازاكي، وإستقلت الصين ثم أعلنت الجمهورية فى عام 1949.
موقف تركيا
تحظى هذه المبادرة بالنسبة إلى تركيا بأهمّية جيو-اقتصادية وجيو-سياسية كبرى، وهناك من يعتبر أنّ الجانب التركي كان أوّل من حاول إعادة إحياء هذا الطريق بعد تفكك الاتحاد السوفيتي واستقلال العديد من جهوريات آسيا الوسطى التركية من منطلق “ثقافي”() بالدرجة الأولى.
وبما أنّ جوهر هذه المبادرة اقتصادي وتجاري ، فمن المنتظر أن تساعد على تحرير طاقات تركيا الاقتصادية بشكل كبير، سيما بعد أن عرقلت حالة عدم الاستقرار التي اندلعت في جوارها الإقليمي بين الأعوام 2010 و2016 من توسعها الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط المهمة والحيوية بالنسبة إليها، ناهيك عن حقيقة أنّ التجارة مع أوروبا قد وصلت مرحلة التشبّع ولم يعد هناك فرص استتثنائية لتحقيق قفزات كبيرة أو سريعة في مجال التصدير إليها.
من هذا المنطلق، تتطلع تركيا الآن إلى آسيا الوسطى ومن خلالها إلى شرق آسيا أيضاً، باعتبارها مناطق خصبة تمتلك من المقومات الثقافية والجغرافية والاقتصادية ما يسمح لها ربما بتحقيق القفزة الاقتصادية المطلوبة لناحية زيادة حجم الصادرات وتنويع التبادل التجاري ورفع معدلات النمو الاقتصادي دون إهمال الانفتاح المستمر على الأسواق الجديدة في الشرق الأوسط والعمق الإفريقي. لكن، كان ولا يزال هناك عدّة مشاكل رئيسية تمنع الجانب التركي من تفعيل التبادل التجاري بشكل كبير وسريع مع دول آسيا الوسطى وعبرها إلى دول شرق وجنوب آسيا، لعل أهمّها غياب البنية التحتية المطلوبة لتسهيل انتقال البضائع والسلع مما يؤدي إلى ازدياد في الوقت وارتفاع في التكلفة، ناهيك عن المشاكل والعقبات التي تفرضها كل من إيران وروسيا بشكل أساسي على تركيا لأسباب جيوبوليتيكية تتعلق بالمصالح والنفوذ.
لقد عملت السلطات التركية خلال السنوات القليلة الماضية على التمهيد لانخراطها السريع في المبادرة، فوقّعت في 14 نوفمبر 2015 مع الجانب الصيني على مذكرة تفاهم للمواءمة بين مبادرة “طريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21” الصينية وبين مشروع “الممر الأوسط” التركي. وهو عبارة عن شبكة خطوط نقل إقليمية تربط بين تركيا والصين عبر القوقاز وآسيا الوسطى، كما انضمت أنقرة في العام 2016 إلى مبادرة الصين لتأسيس “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية”، وهي عضو مؤسس فيه بمساهمة بلغت حوالي 2.6 مليار دولار.
ستساعد عملية إحياء خط الحرير القديم في إعادة الاعتبار إلى الخط البري في التجارة بين الصين وأوروبا، وهو ما سيصب في نهاية المطاف في مصلحة أنقرة، خاصّة أنّ التجارة بين المنطقتين تتم حالياً عبر البحر على الرغم من أنّ المسافة البحرية أطول بكثير من نظيرتها البريّة. وذلك بسبب عدم توفر البنية التحتية المطلوبة لنقل البضائع براً من الصين عبر آسيا الوسطى، ومن ثم عبر تركيا إلى أوروبا. يضاف إلى ذلك ارتفاع التكلفة، وهو ما يحرم تركيا من عائدات مفترضة ويقلّص كذلك من حجم الدور الذي يمكن أن تلعبه في تجارة العبور أو “الترانزيت.()
أمّا من الناحية السياسية، فلا شك أنّ المشروع سيوسّع من خيارات تركيا الجيو-سياسية فيما يتعلق بالانضمام إلى فضاءات إقليمية أخرى لكي لا تبقى رهينة محاولاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ومع أنّ كثيرين يعتبرون أنّ تلك الفضاءات لا يمكن أن تكون بديلا عن الاتحاد الأوروبي لأسباب كثيرة، لكنها تبقى بالنسبة إلى صانع القرار عنصراً مساعداً لتركيا، سواءً أواصلت مسيرة التفاوض للانضمام أم قررت وقف تلك المحاولات.
الموقف الروسي :
تربط موسكو وبكين مصالح جيواقتصادية بعيدة المدى، ففي حين أن الصين بادرت إلى تأسيس بنك “بريكس” للتنمية والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وصندوق طريق الحرير الذي يستهدف تعزيز التجارة مع أوراسيا، فإن روسيا تعقد آمالا على حاجة الصين إلى عبور أراضيها نحو أوروبا، وإلى مصادر الطاقة الروسية.وتكاد المصالح المشتركة تجعل البلدين حليفين سياسيين رغم التزام بكين بعدم الدخول في تحالفات.()
وأوراسيا هي كتلة أرضية مساحتها 54 مليون كيلو متر مربع وهي مكونة من قارتي أوروبا
وآسيا، ويطلق عليها بعض الجغرافيين مسمى قارة.،ومن أجل تحقيق استراتيجية طريق الحرير الجديد ، يبقى من الأهمية بمكان ، بناء ممر اقتصادي صيني-منغولي- روسي، يعبر القارة الأوراسية كلها. ويقول المراقبون، إن بناء هذا الممر الاقتصادي، يعني دمج الفكرة الصينية “حزام واحد- طريق واحد”، والتي تتعلق بإنشاء حزام طريق الحرير الاقتصادي الذي يمرر تجارة الصين للمنطقة الأوراسية، مع الفكرة المنغولية ” طريق السهوب” والفكرة الروسية “بناء ممر عابر لأوراسيا”. وهي خطط تتشارك في ذات هدف طريق الحرير الصيني. وكان البنك المركزي الصيني، قد وافق على إنشاء صندوق طريق الحرير في الصين برأسمال قدره 40 مليار دولار، مخصصة لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة في إقليمي أوراسيا والمحيط الهادئ. وأعلنت بكين استعدادها لتمويل المشاريع الصينية الروسية المشتركة ومن أكبرها مشروع خط الحديد السريع موسكو- بكين.
ووفق بيانات رسمية نشرها الموقع الإليكتروني للكرملين، فقد توصلت روسيا والصين في العامين الأخيرين إلى 107 اتفاقية للتعاون، 55 منها تم إنجازها، و 21 منها تخص مشاريع بعيدة المدى، و31 يتم إنجازها حاليا. أن روسيا مهتمة بالتعاون من أجل إطلاق المشاريع المشتركة بين روسيا والصين في الطريق العابر لسيبيريا وطريق بايكال-آمور.()
وكان الرئيس الروسي، قام بزيارة للصين، في مايو/أيار 2014، وتم الإعلان وقتها أن روسيا تدعم الفكرة الصينية عن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وأن المبادرة الروسية لإنشاء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي شكلت أرضية مهمة لتعاون متعدد الأطراف في الإقليم.كما إن البلدين فعّلا في الفترة الأخيرة تعاونهما في مجال إقامة بنية تحتية عابرة للحدود بينهما، حيث يتم بناء خطوط نقل أوراسية جديدة: منها سكة حديد ” تشونغتشينغ- شينجيانغ -أوروبا”، طريق “أوروبا الغربية- غرب الصين”، وهما يمران عبر روسيا.كما أن البلدين يتعاونان بفاعلية في بناء الجسور والموانئ ومشاريع أخرى في شمال شرق الصين والشرق الأقصى الروسي.في حين يتوقع الخبراء أن يُضاعف إنجاز مشروع “حزام واحد، طريق واحد” حجم التجارة بين الصين وروسيا إلى 200 مليار دولار مع نهاية العام 2020.()
المراجع:
https://www.kassiounpaper.com › دوليات و عربيات
https://www.studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/05/170511114046495.html
https://www.immarwaiktissad.com/2394/
https://www.alaraby.co.uk/…/25d4e39a-1c10-4eb0-9c8d-3533422
https://www.kassiounpaper.com ›
https://www.studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/05/170511114046495.html
https://www.studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/05/170511114046495.html
https://www.al-watan.com/PrintNews.aspx?id=78853